Posts Tagged ‘اليأس’

أكتوبر 27, 2008

يوحنا 16:10:” ولي خراف أخر ليست من هذه الحظيرة ينبغي ان آتي بتلك أيضا فتسمع صوتي وتكون رعية واحدة وراع واحد”.
لم تتحقق نبوات المسيح البديعة هذه تحققاً تاماً حتى جاء هذا القرن. ففي أثناء الدورة المسيحية او ما يسمى عصر البركة تعلمت الأمم والأجناس حياة المسيح ومبادءه واطلعت علي نبوات العهدين القديم والجديد ثم انتهى ذلك العصر فلم يبق الآن من مبادئ المسيح شئ لدى المسيحيين .وقد أرسل الله أنبياءه ومعلميه للانسانية تباعا كما تشهد بذلك كل الكتب المقدسة وهي سواء أكانت تعود الي الكليميين أو الي المسيحيين أو البوذيين، أو الزردشتيين أو المسلمين متطابقة مع بعضها وعلي وئام واتفاق. وقد صدق المسيح العهد القديم وبواسطته قبلت الأمم الوثنية العهد القديم وهكذا سوّى الطريق لكل الأمم والأجناس والأديان لتسير في سبيلها نحو فهم حقيقة كلمات حضرة بهاء الله الذي يعلمنا ان أساس جميع الأديان واحد وان الأرض ستكون فردوسا أبهى حالما يعترف المؤمنون بالله بحكمة أمره تعالى حين يأمرهم بأن يلقوا جانباً جميع التعصبات الدينية والجنسية والقومية ويتعاونوا في ظل الميثاق الذي قدمه الآب السماوي كما خبرت النبوات بذلك. فهلا يتحد أحباء الله بهذا الميثاق الذي قدمه الآب السماوي ووهبه لجميع العالم ويغضوا الطرف عن الانقسامات الموجودة منذ سابق العصور. ويوضح لنا ذلك حضرة بهاء الله بشكل أحسن حين يتفضل:” ومقصوده تعالى من اظهار نفسه إلى البشر هو ان يكشف لهم عن تلك الجواهر المخزونة المكنونة في أنفسهم وجوهر دين الله في هذا اليوم هو ان يمنع العلائق الأرضية والعقائد الدينية المختلفة من ان تغذي شعور العداوة بين الناس فهذه المبادئ والأحكام وهذه النظم المحكمة البنيان قد جرت من منبع واحد وهي أشعة لنور واحد واختلافها عن بعضها يرجع سببه إلى اختلاف مقتضيات العصور التي انتشرت فيها.
” يا اهل البهاء شدُُّوا أواصر الهمة لعل تزول المنازعات والمجادلات المذهبية من بين أهل العالم. قوموا علي هذا الأمر العظيم الخطير حباً لوجه الله ولعباده. ان الضغينة والبغضاء المذهبية نار تشعل العالم واطفاؤها امر علي غاية من الصعوبة إلا اذا قامت يد القدرة الالهية علي انقاذ الناس من هذا البلاء العقيم. ان البيان الالهي بمثابة المشكاة وهذه الكلمة بمثابة المصباح فيها وهي : يا أهل العالم كلكم أثمار شجرة واحدة وأوراق غصن واحد. سيروا بكمال المحبة والاتحاد والمودة والاتفاق. قسماً بشمس الحقيقة ان نور الاتفاق كفيل بإنارة جميع الآفاق يشهد بهذا ربك العليم” ( مترجم من لوح ابن الذئب ص10-11).

” ان الدين هو السبب الأعظم لنظم العالم واطمئنان من في الامكان وان ضعف اركان الدين صار سبباً لقوة الجهال وجرأتهم. حقا أقول ان كل ما ينقص من علو مقام الدين يزيد في غفلة الأشرار ويؤول الأمر أخيرا الي الهرج والمرج” (من الكلمات الفردوسية).
متى 29:24:” وللوقت بعد ضيق تلك الأيام تظلم الشمس والقمر لا يعطي ضوءه والنجوم تسقط من السماء وقوات السموات تتزعزع”.

ان هذا البيان لا يشير إلى الشمس الظاهرية بل إلى ظلام شمس الحقيقة الروحانية كما هو حادث اليوم في كافة أنحاء العالم. ويعتبر أهل الأديان القمر رمزا للكنيسة. والمسألة هي هل ان القمر قد فقد قوة عكس النور واصبح معتماً؟ وحينما تتزعزع قوة الدين يعبر عن ذلك بتزعزع “قوات السماوات” لأن الدين سماء للحقيقة. “انظروا إلى تمدن أهل الغرب كيف أصبح سبباً لاضطراب العالم ووحشيتهم حيث هيئت آلات جهنمية وتجلت في إبادة النفوس قسوة لم تر عين العالم شبهها ولم تسمع آذان الأمم نظيرها وان اصلاح هذه المفاسد القوية القاهرة مستحيل إلا باتحاد أحزاب العالم في أمورها أو تتفق علي مذهب من المذاهب”
(مترجم عن الفارسية من الكلمات الفردوسية).
متى 7:24:” لأنه تقوم أمة علي أمة ومملكة علي مملكة وتكون مجاعات وأوبئة وزلازل في أماكن
8:ولكن هذه كلها مبتدأ الأوجاع
10: وحينئذ يعثر كثيرون ويسلمون بعضهم بعضاً و يبغضون بعضهم بعضاً
12: ولكثرة الإثم تبرد محبة الكثيرين”.
وتؤيد حالة العالم الحاضرة بكل وضوح حقيقة هذه الكلمات التي كتبت منذ ذلك العهد ومن تلك السنوات . فاهمال أوامر الدين وشيوع اللادينية قد اقترنا بفوضى ودمار علي أوسع مقياس وأشده هولاً . وما أصدق كلمات حضرة بهاء الله التالية في تشخيص أمراض العالم سيّما وهي تعيد إلى ذاكرتنا نبوة حضرة المسيح بقوله”هذه كلها مبدأ الأحزان”

وقد شهد حضرة بهاء الله “بأن حيوية ايمان الناس بالله تموت في كل أرض ولا شئ غير دوائه المحيي يمكن ان يردها أو يبقي عليها. ومبدأ اللادينية يمتص حيوية المجتمع البشري فأي شئ غير اكسير ظهوره القوي يستطيع ان يطهره ويحييه”
وكتب حضرته كذلك” ان العالم في محنة وعناء ويزداد قلقه يوماً فيوماً وهو متوجه نحو الضلال والالحاد وسوف تزداد هذه النقطة وتشتد إلى درجة لا يمكن الآن ذكرها.
” ولا نبالغ اذا قلنا اننا متوجهون الآن نحو فترة سوف يعتبرها المؤرخون في المستقبل فترة من أحرج الفترات في تاريخ النصرانية وقد سبق لبعض أبطال الدين المسيحي ان اعترفوا بخطورة الحالة التي تجابههم .وبشهادة ارسالياتهم التبشيرية كما لوحظ من نص التقارير الرسمية:” ان موجه من المادية تكتسح العالم”… وتجابه الكنيسة خطراً جديداً في ارض بعد أخرى وهجمات عدائية مصوبة قصداً. فمن روسيا السوفياتية تنتشر نحو الغرب شيوعية ضد الدين إلى داخل اوروبا وامريكا وشرقاً إلى داخل ايران والهند والصين واليابان وهي نظرية اقتصادية مقادة قيادة خاصة نحو عدم الاعتقاد بالله وهي دين اللادينية ولها شغف وحماس في قيامها برسالتها هذه وهي تصوب حملتها اللادينية نحو أسس الكنيسة في بلادها كما توجه عداءها نحو الخط الأمامي للدين في الأقطار غيرالمسيحية ومثل هذا الهجوم المنظم الصريح اليقظ المصوب نحو الدين بصورة عامة والمسيحية بصورة خاصة شئ جديد في التاريخ. وهناك شكل آخر من المعتقدات السياسية والاجتماعية في بعض الأقطار لا يقل تعقلا وفطنة في عدائه المقصود نحو المسيحية ألا وهو القومية ولكن القومية في مهاجمتها المسيحية علي خلاف الشيوعية ترتبط غالبا ببعض أشكال الدين القومي فترتبط بالاسلام في ايران ومصر وبالبوذية في سيلان في حين ان الكفاح في سبيل حقوق الشعب العامة في الهند مقترن ببعث واحياء لكلا الدينين الهندي والاسلامي” (مترجم عن تواقيع نظام حضرة بهاء الله العالمي ص181و182). ولا يشخص حضرة بهاء الله امراض العالم فحسب بل يرشد الأمم إلى المنبع الذي يمكن ان يوجد فيه الدواء الحقيقي. والمسيح نفسه كذلك تنبأ بأنه سيكون هناك دواء ميسور بين ايدي اتباعه الذين” ينظرون الي الأعلى ويرفعون رؤوسهم” كما شهدت النبوة التالية بذلك:
لوقا 28:21:” ومتى ابتدأت هذه تكون فانتصبوا وارفعوا رؤوسكم لان نجاتكم تقترب”.

وأي نجاة أيسر من النجاة التي قدمها لنا حضرة بهاء الله حين نصحنا متفضلاً:-” يا أهل البهاء كل أمر من الأوامر المنزلة حصن لعالم الوجود” . (مترجم من كتاب المقتطفات ص35).
ويوضح هذا توضيحا أكثر فيتفضل :” اعلم ان العقلاء قد شبهوا العالم بجسم بشري فكما ان جسم الانسان يحتاج إلى رداء يرتديه فكذلك جسم البشرية يحتاج إلى ان يتزين برداء العدل والحكمة ورداؤه هو التجلي الإلهي عليه”.

فلا عجب ان انطفأ نور الدين في قلوب الناس نتيجة انحرافهم وضلالهم ولما نبذ الرداء الالهي المخلص لتزيين الهيكل البشري نبذا تاماً لا عجب ان يظهر في الحال انحطاط محزن في مقدرات البشر يجر وراءه كل الشرور التي تقدر الأنفس الضالة الهائمة ان تظهره فانحراف الطبيعة البشرية عن الحق وتدني السلوك البشري وفساد وانحلال المؤسسات البشرية تظهر تحت تأثير هذه الظروف في أردأ المظاهر وأكثرها ثورة فقد انحط الخلق البشري وتزعزعت الثقة وارتخت اعصاب الانضباط الاخلاقي واخمد صوت الضمير البشري وخملت حاسة الخجل والحشمة وشوهت وحرفت الآراء الاخلاقية مثل الاخلاص والواجب والاتحاد والاستقامة بالأخذ والعطاء كما ويتلاشى بالتدريج كل شعور بالمسالمة والفرح والأمل والرجاء. وإنا لنقر بأن هذه هي الحالة التي يقترب منها الأفراد والمؤسسات. فقد كتب حضرة بهاء الله ناعياً الورطة والوهدة التي تدنت اليها بشرية مخطئة بقوله:” لا يرى في الحقيقة نفسان متحدتان ظاهراً وباطناً بل ترى آثار النفاق في جميع الآفاق مع ان الكل قد خلقوا للاتحاد والاتفاق” (مترجم من لوح المقصود ص6)
وتفضل كذلك “إلى متى هذه الغفلة؟ وإلى متى هذا الاعتساف؟ وإلى متى هذا الانقلاب والاختلاف؟ وفي الواقع ان ارياح اليأس تهب من جميع الجهات وتتزايد انقلابات العالم واختلافاته يوماً فيوماً” (من لوح المقصود ص18) .
وبالرغم من الأحوال التي تنبأ عنها المسيح بقوله” وحينئذ سيتهم كل واحد الآخر ويخونه ويبغض الواحد الآخر ويزدريه” أفليس من الصحيح انه” حينما ستتم هذه الأمور يقترب عهد خلاصكم” بعد ان اعطينا ضمانا كالضمان التالي:

“عما قريب سيأتي اليوم الذي فيه ستخترق أنوار الوحدة الإلهية الشرق والغرب علي شأنٍ لا يستطيع انسان بعد ذلك ان يتجاسر علي انكاره والآن وضعت يد القدرة الإلهية أسس هذه الموهبة الكبرى وهذه المنحة العظمى وكل ما هو مكنون في هذه الدورة المقدسة سيتجلى تدريجياً لأن الساعة ساعة أول نموه والوقت صبح ظهور آياته. وقبل انتهاء هذا القرن سيتضح كيف أن الفيض كان عجيباً وكيف أن الموهبة كانت سماوية ” (مترجم عن كتاب نظام حضرة بهاء الله العالمي ص111).